أصالة المملكة العربية السعودية دولة وكيان أصيل متجذر في أعماق التاريخ، يصقلها تقادم السنين، إنها الدولة التي أخذت مكانتها عن جدارة، واعتلت عرش الشموخ عن اقتدار.. أسس كيانها صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، وساسها عبر مسارب التاريخ وجداول الحياة بحكمة وخبرة، ولا زال يتابع الخطى، ويعطي المزيد مع رجاله الأوفياء، حتى استوى عود المملكة، وقامت على سوقها، وأضحت شمس الجزيرة العربية، والعمق الاستراتيجي للعالم الإسلامي، والدولة المؤثرة في القضايا الإقليمية والشؤون العالمية الكبرى.
وإننا مع إهلالة قمر اليوم الوطني وخيوط فجره؛ لنستحضر كل ذلك العبق التاريخي الذي خطَّت سطورَه سواعدُ الوفاء والعزيمة، ونستذكر عطاء المؤسس رحمه الله وبذله، ثم من بعده القيادة البصيرة الواعية لأنجاله الملوك، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، حيث الحاضر المزهر والواقع الزاخر بألوان المعرفة والمدنية والإنسانية.
إنه العهد الذي تألقت فيه الطموحات في خطة للتحول الوطني، استهدفت رفع كفاءات الأداء لدى مؤسسات الدولة، وتنويع المصادر الاقتصادية، وإزالة كافة المعوقات التي تعترض الإصلاح والتنمية. ثم جاءت رؤية 2030 لتؤطر مسارات التنمية والإصلاح، وتطرح رؤية واعية واضحة المعالم، وسائرة بخطى ثابتة نحو بناء القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى، وذلك من خلال استخدام برنامج مبتكر لتجاوز التحديات، واعتماد أدوات فعالة للتخطيط والتنفيذ، وكذا رسم الأولويات.
وفي خضم هذه المسيرة المظفرة -بإذن الله تعالى- يبرز دور مؤسسات التعليم التي عززت الرؤية مكانتها وعمقت دورها في الحياة المجتمعية، إيماناً من حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، بأن العلم والمعرفة هما أساس نجاح الخطط التطويرية، والأسس التي تبنى عليها التنمية بشتى أنواعها الإنسانية والاقتصادية والصحية .. وغيرها مما لا بد منه لاستمرارية الحراك النهضوي وإثرائه بالخبرات والمهارات الوطنية.
ومن المتيقن بإذن الله تعالى أن المؤسسات التعليمية – وكذا سائر مؤسسات الدولة – ستضطلع بواجباتها، وستؤدي مهامها كما ينبغي، وسيتجلى ذلك في إبداعات منسوبيها وإنجازاتهم، مستشعرين بأن ما يبذلونه ليس إلا وفاءً للوطن وقيادته الرشيدة وفقها الله، وقضاءً لجانب من حقوق الوطن عليهم، فلا أقل من أن يسهموا على نحو فاعل في الحفاظ على مقدراته وتعزيز إمكاناته، بل دعمه بابتكارات غير مسبوقة، مستفيدين من الإمكانات المتاحة لكل جادٍّ راغب في نفع البلاد والعباد.
لقد أدركت قيادتنا الرشيدة وفقها الله الدورَ المحوري المناط بالتعليم ومؤسساته، فلم تأل جهداً -عبر مسيرة المملكة التاريخية- في إنشاء وزارات التعليم، وبناء الجامعات، وكذا مدارس التعليم العام، والمراكز الأدبية والثقافية، مشفوعاً بالبذل السخي، والتشجيع المستمر، والرعاية الحثيثة، بالإضافة إلى التوجيه المباشر نحو الجودة والإتقان، ومن شأن ذلك كله – كما لا يخفى – غرس المعرفة في النفوس، وجعلها نمطاً عاماً تصطبغ به الحياة الخاصة والعامة لدى المواطنين.
وتتعزز مسيرة المملكة بما حباها الله من قيادة حكيمة مستبصرة، واستقرار مجتمعي، واستتباب أمني، لتقدم أروع مثال في الوعي السياسي النافذ، الذي يستفيد من الماضي، ويسخر إمكانات الحاضر، ويقتنص الفرص، ويبني من كل ذلك معادلة متجانسة تسجل نجاحات متتالية إقليمياً ودولياً، حيث المواقف المشرفة والكريمة في جميع القضايا التي تهم الوطن والمواطن، والقضايا الإسلامية والإنسانية العادلة .
كما تبدي نجاحاً اقتصادياً تفصح عنه المتانة الاقتصادية، والموازنات المالية المدروسة بدقة وعناية، وتنوع مصادر الدخل الوطني.
إن الإلماح في اليوم الوطني للخيرات العميمة التي متع الله بها بلادنا، إنما هو بدافع حُبنا لبلادنا المباركة، وإذكاءً لبواعث الجد والعطاء .. في هذا اليوم الأغر الذي يستبشر به كافة أبناء الوطن وبناته، راجين الله تعالى أن يديم الأمن والرخاء والازدهار على مملكتنا الحبيبة، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ذخراً للوطن والمواطن.
وكل عام وبلادنا بعزٍّ وشموخ وارتقاء.
معالي مدير جامعة الأمير سطّام بن عبد العزيز
الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الحامد