تهل علينا الذكرى السابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ، وبلادنا المباركة تزهو بحلل من الأمان والازدهار ، إنها سنوات سبع كثر فيها الخير : عطاءً ونماءً وإنجازاً ، وكل ذلك بفضل من الله تعالى أولاً، ثم بفضل قائد الأمة الحكيم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ، تلك القيادة التي نظرت إلى الحاضر والمستقبل بعين البصير الناقد، والراعي الأمين، والقائد الناصح، الذي يبادر ويسعى إلى كل ما فيه خير الوطن والمواطن، بنظرة شمولية لا تغفل أي قطاع أو نشاط، فكل ما يخدم الوطن وينهض به ، وكل ما يعود على الإنسان بالنفع والفائدة محل عنايته واهتمامه كبيراً كان أو صغيراً، ومن هنا تنوعت أوجه عطاءاته ، وتضافرت جهوده لوضع المملكة العربية السعودية في المكانة اللائقة بها.
وإن واقع المملكة العربية السعودية الناهض على كافة الصُعُد يُقِرّ لخادم الحرمين الشريفين بذلك ، ويشهد لأياديه البيضاء، ومبادراته غير المسبوقة، فما يلتفت المرء يَمْنَة ولا يَسْرَة إلا ويجد براهين التطور والنماء بارزة ، فهذه المدن أصبحت كل واحدة منها عَرُوسا تُطل شامخة بجامعاتها العريقة والشابّة ، ومؤسساتها الاجتماعية والإنسانية ، وقطاعاتها الثقافية والسياسية والأمنية ، وكلها تستهدف النماء البشري ، والتطور المدني ، والرقي الفكري، وتعزيز الأمن الذي به حياة الإنسان واستقراره واطمئنانه.
إن المتأمل في حاضر المملكة خلال هذه السنوات السبع يجده حافلاً بالإنجازات غير المسبوقة في هذا الزمن الوجيز، حتى إن المملكة بفضل الله تعالى سجلت حضوراً مميزاً إقليمياً وعالمياً في مختلف المحافل والمناسبات، إنه حاضرٌ مُشَرِّف ، يثلج الصدر، ويبعث على الطمأنينة ، ويشحذ الهمم ، ويقوي العزائم ، فالأمة التي تثق بحكومتها ، وتتكاتف معها ، وتضع يدها بيد قائدها، ستنجز مثل هذا ، بل أكثر منه ، لأنها أوكلت زمام الأمور إلى قائد ناصح أمين ، استطاع بدرايته وحسن تدبيره أن يمخر بها عباب المتغيرات التي أطافت بالبلاد القريبة أو البعيدة، ويتجاوز المشكلات الاقتصادية والأمنية وغيرهما ليضع بلادنا على الجادة السوية الآمنة، ولله الحمد والمنة.
وأحب أن أنوّه في هذا المقام إلى ما بين الأمن و والتعليم من ارتباط وثيق ، وعلاقة حميمة ، فالتنمية البشرية ركيزة التطور والبناء ، ولتقوم تلك التنمية على قواعد سليمة وأسس صحيحة عملت حكومتنا الرشيدة جاهدة على تعزيز الأمن ونشره في كافة ربوع المملكة العربية السعودية ، وبذلت لأجل ذلك ما يُعدّ ولا يحصى ، فأصبح المواطن – بحمد الله – مستعداً ومهيأً للتفاعل مع النشاط التعليمي الذي تزخر به المؤسسات التعليمية في بلادنا الحبيبة ، كما دفعه الأمن والاطمئنان إلى ميادين الابتكار والابداع ، والبحث المتواصل عن الأفضل والأجود في كافة العلوم والاختصاصات ، وبذا تجاوزت قطاعات التعليم ومنسوبوها مرحلة التعليم المجرد، وصار الحديث عن التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، وتوكيد الجودة، والاعتماد الأكاديمي، وبراءات الاختراعات، ومهارات التعليم المتقدمة، والبعثات العلمية النوعية والجامعات الذكية، واستحداث أقسام أكاديمية نادرة .. وهَلُمّ جراً، الأمر الذي يدل على مستوى أكثر تقدماً من ذي قبل.
ولتعريز هذا النشاط التعليمي شهدنا في هذا العهد الزاهر توجهاً كريماً للتوسع في إنشاء الجامعات ومدنها ، فانتقل بنا الحال من سبع جامعات ، إلى أريع وعشرين جامعة حكومية تغطي كافة مدن ومناطق المملكة ، كما شهدنا اتساعاً لدى الجامعات والكليات الأهلية وتنوعاً في اختصاصاتها ، الأمر الذي يُنْبئ عن وعي فِكري ، وانتماء وطني ، دفع بالقادرين من المؤسسات ورجال الأعمال على الإسهام في النهضة العلمية والثقافية التي تشهدها بلادنا .
ومن جانب آخر نجد أن اقصاد المملكة في ظل الأمن والأمان الذي يعم ربوعها قد نما على نحو يبشر بالخير، حيث إنه الآن معدود في أحد الاقتصاديات العشرين على مستوى العالم ، وسيكون – بإذن الله – لمركز الملك عبدالله المالي (أكبر مركز اقتصادي في الشرق الأوسط) دور رئيس في تعزيز النمو الاقتصادي، وسيجعل من المملكة قِبلة المشروعات الاقتصادية العالمية .
وإلى جانب هذا وذاك لمسنا لدى خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حرصاً على الانفتاح والإفادة من كافة المعطيات الحضارية المتفقة مع قيمنا ومبادئ شريعتنا السمحة، هذا بالإضافة إلى الاهتمام الكبير بشؤون المسلمين وأحوالهم، وتبني قضاياهم ، ودعمها في المحافل الدولية بكل ما يستطيع.
إنها سنوات سبع ، مثلت طفرة في كافة الميادين : المعرفية ، والاقتصادية ، والأمنية ، والثقافية ، والاجتماعية ، والإنسانية .. وغيرها . طفرةٌ مبنية على أسس وركائز سليمة ، لذا سيطول أمدها ويكثر خيرها ، ويتشعب عطاؤها لتنال كل أبناء المملكة العربية السعودية بإذن الله تعالى ، ويعم الرخاء ، ويدوم الازدهار .
وإننا نشكر الله تعالى أن هيأ لبلادنا المباركة قادة كراماً أوفياء ، نصحو لها وعملوا من أجلها ، فكان حقيقاً بنا أن نبايع خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ابتداءً ، ثم نجدد له البيعة والولاء كل عام ، سائلين الله تعالى له ولولي عهده الأمين كل التوفيق والسداد ، وسنبقى على العهد أوفياء ، وستبقى مملكتنا الغالية بإذن الله عزيزة كريمة على الدوام ، والله الموفق .